الاثنين، 12 يوليو 2010

الخطر والتأمين

1- التأمين كقطاع خدمات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يعرف بعض الكتاب "الخدمات" على أنها أنشطة غير ملموسة تهدف الى تلبية احتياجات أو رغبات ما، مقابل دفع مبلغ معين من المال.
ويندرج النشاط الذى تقوم به شركات التأمين حسب ما هو متعارف عليه فى التجارة الدولية ضمن الأنشطة غير المرئية فهى لا تنتج بضائع ملموسة مثل الصابون والأحذية وإنما يكمن دورها فى إصدار وثيقة للمؤمن له تتعهد شركة التأمين بمقتضاها بدفع مبلغ من المال مساوياً لمقدار الخسارة (التأمينات العامة) أو للمبلغ المتفق عليه سلفاً (تأمين الحياة) .
ويعتبر مفهوم الخدمة من أساسيات التأمين خاصة إذا ما أخذنا فى الإعتبار إن ما يقدمه المؤمن عند بدأ التأمين للمؤمن له ما هو إلا مجرد تعهد لا يمكن التأكد من مصداقيته إلا فى المستقبل عندما يتحقق الخطر المؤمن ضده يحين موعد استحقاق التعويض.
وأحياناً قد يوجد سبب يدعو شركة التأمين للشك فى صحة المطالبة ويؤدى الى تأخير دفع التعويض لحين إجراء التحريات اللازمة مما يغضب المؤمن له – أما بسبب الشك فى مصداقيته أو بسبب الخوف من اتهامه بتزييف المطالبة أو المبالغة فى قيمة الخسارة.
إن ما يشتريه المؤمن له هو الشعور بالحماية والأمان وأنه لهذا السبب قد قام بدفع القسط. لذا يتعين على شركة التأمين إقناع العملاء المحتملين بأن شرائهم للحماية التأمينية يعتبر صفقة جيدة مقابل القسط الذى يدفعونه حتى وإن لم يتقدموا بأى مطالبة، وأنهم سوف يتمتعون بحماية مستمرة ويحصلون على أفضل الخدمات عندما يتعرضون للخسارة، ولهذا أهمية بالغة بالنسبة لصناعة التأمين، وفى كل مرحلة من المراحل بدءاً من البيع ومرورا بفترة التأمين يجب أن يشعر العميل بأهميته وأنه قد حصل على الغطاء التأمينى المناسب مقابل مادفعه وبأن مصلحته تأتى دائماً فى المقدمة.
وبإعتبار أن شركات التأمين جهة توفر منتجات غير مادية أو ملموسة، يجب أن تتأكد بأن خدماتها تصل الى العملاء بصورة ميسرة وإن الطريقة المثلى لضمان ذلك تكمن فى غرس هذا التوجه فى أذهان جميع العاملين بالشركة وتسهيل الإجراءات لتوفير العناية والاهتمام اللازمين لزبائن الشركة.

2- الخطر RISK
يعنى الخطر بالنسبة لأغلب الناس نوع من الشك حول نتائج موقف معين وعندما نستخدم كلمة "خطر" فى أحاديثنا اليومية نعرف أن المقصود احتمال حدوث شىء ما وفى حالة حدوثه نتوقع أن ينتج عنه شىء غير مرغوب فيه، لذلك فإن كلمة "الخطر" تعنى عدم التأكد من المستقبل وإن نتائجه ربما تتركنا فى حالة أسوء مما نحن عليها فى هذه اللحظة.

‌تعريف الخطــــر RISK DEFINITION

فيما يلى بعض التعاريف وفقاً لما جاء به بعض الكتاب والمفكرون من تعاريف لمصطلح الخطر
الخطر هو:
· احتمال حدوث شىء غير مرغوب فيه.
· عدم القدرة على التنبؤ بالمستقبل – بمعنى اختلاف التنبؤات عن الواقع الفعلى للأحداث.
· عدم التأكد من وقوع أو عدم وقوع الخسارة.
· احتمال حدوث الخسارة.

وتتضمن هذه التعاريف الأفكار المشتركة التالية:

أولاً : الشك (UNCERTAINTY)
ثانياً: الإشارة الضمنية لوجود درجات مختلفة للخطر، حيث أن استخدام كلمات مثل "القدرة على" و"احتمالية" و"عدم القدرة على التنبؤ" جميعها توحى بتباين تأثير هذا الشك.
ثالثاً: أن نتائج تتحقق الخطر قد تكون من جراء سبب واحد أو عدة أسباب وهذا يتفق مع التعريف السابق بأن الخطر هو الشك وعدم القدرة على التأكد من نتائج موقف معين.

(ب) درجة الخطر LEVEL OF RISK
ماذا يعنى أن يكون الشىء خطراً (RISKY)؟ وكيف يمكننا تقدير الدرجات المختلفة للخطر؟ ليس من المنطقى الافتراض بأن احتمال وقوع خطر ما يتساوى مع احتمال وقوع أى خطر آخر، لنفترض بأن هناك منزل مجاور لنهر وأن هذا النهر معروف بكثرة فيضانه، ففى هذه الحالة ربما نستخدم كلمة خطر لوصف هذا الوضع. ومن الطبيعى أن يكون هناك شك حول المستقبل حيث أننا لانعرف إذا كان هذا النهر سوف يفيض فعلا ويسبب أضراراً الى المنزل أم لا. إن حقيقة كون النهر معروف بفيضانه لايعنى الجزم بحدوث الفيضان والتسبب فى إضرار المنزل، إنما هذه الحقيقة قد ضاعفت من إمكانية حدوث ذلك، فنحن نستخدم كلمة خطر للإشارة الى زيادة احتمال تحقق الخطر.
ويمكننا رؤية ذلك بوضوح أكثر إذا تخيلنا منزلاً آخر أبعد قليلاً عن ضفتى النهر من المنزل الأول وأن هذا المنزل مبنى على هضبة صغيرة، فأننا سوف نصف وضع هذا المنزل بأنه فى موضع أقل خطراً من الأول رغم أن إمكانية فيضان النهر لم تتلاشى أو تتغير ولكن احتمال تعرض المنزل الثانى للضرر بسبب الفيضان هو أقل بكثير من المنزل الأول، أما إذا افترضنا أن المنزل الأول هو منزل قديم آيل للسقوط والمنزل الثانى منزلا ضخما ذو قيمة عالية جدا فلا شك أن نظرتنا سوف تختلف الى المنزلين، فأى منهما يمثل خطراً أكبر ؟ باعتبار أن حجم الخسارة المتوقعة قد أختلف.

(ج) معدل تكرار وقوع الخسارة وحجم الخسارة المتوقعة
عند تقييم درجة أى خطر يجب أن يتضمن ذلك تقدير كل من معدل تكرار وقوع الخسارة (LOSS FREQUENCY) وحجم الخسارة المتوقعة (LOSS SEVERITY)، ويقصد بمعدل تكرار الخسارة هو عدد الخسائر المحتمل وقوعها خلال فترة زمنية معينة، أما حجم الخسارة المتوقعة فيعنى متوسط حجم الخسائر التى قد يتم التعرض لها، وبدمج الفكرتين معا يمكن ملاحظة وجود علاقتين أساسيتين بينهما، الأولى هى أنه كلما ارتفع معدل تكرار الخسائر قل حجمها وهذه العلاقة تنطبق على أنواع كثيرة من الأخطار.

(د) مسببات ومؤثرات الخطر PERILS AND HAZARDS
إن مسببات الخطر (PERILS) هى تلك الظواهر والعوامل التى تكون السبب فى وقوع الخسارة ويمكن تعريفها باختصار على أنها أسباب الخسارة، مثل الزلازل والعواصف والحرائق والانفجارات، وعادة ماتكون هذه المسببات خارج نطاق سيطرة أى فرد، أما مؤثرات الخطر (HAZARDS) فهى تلك العوامل التى تساعد على وقوع الخسارة أو تزيد من احتمال وقوعها مثل رداءة التوصيلات الكهربائية فى منزل ما أو عدم اكتراث الفرد بشروط السلامة، وتكون هذه المؤثرات عادة ضمن نطاق سيطرة الفرد.
وبالرجوع الى المثال السابق عن المنزلين القريبين من ضفتى النهر، نجد أن الفيضان هو مسبب الخطر، والخطر نفسه هو تلك الأضرار التى قد تنتج بسبب الفيضان أما مؤثر الخطر فهو قرب أحد المنزلين من إحدى ضفتى النهر مما يزيد من احتمال تعرضه لأضرار الفيضان.

(هـ) مؤثرات الخطر المادية والمعنويةPHYSICAL AND MORAL HAZARDS
بما أن مؤثرات الخطر عادة ما تكون ضمن نطاق سيطرة الفرد فإنه من المهم بالنسبة لشركة التأمين أخذ هذه المؤثرات بعين الإعتبار لتحديد إمكانية قبول التأمين لأى شخص ومقدار القسط الذى سوف يتم احتسابه.
وتنقسم مؤثرات الخطر الى مؤثرات مادية (PHYSICAL HAZARDS) ومؤثرات معنوية (MORAL HAZARDS).
المؤثرات المادية هى العوامل المادية المساعدة الموجودة فى الشىء المؤمن عليه والتى تزيد من احتمال وقوع الخسارة أو زيادة حجمها مثل رداءة التوصيلات الكهربائية أو قيادة السيارة على شارع مغطى بالثلج أو قرب المنزل من النهر مما يزيد من احتمال وقوع الخسارة أو زيادة حجمها أو كلاهما معاً.
أما المؤثرات المعنوية فيقصد بها العوامل المتعلقة بسلوك الفرد والتى تزيد من احتمال وقوع الخسارة سواء كان بقصد أو من غير قصد ، على سبيل المثال افتعال الخسارة أو الإهمال أو سوء الإدارة وعدم الشعور بالمسئولية من جانب المؤمن له.

(و) تصنيف الأخطار RISK CLASSIFICATIONS


1. الأخطار المادية ( الخسائر المادية) FINANCIAL RISKS

لقد عرفنا الخطر مسبقا على أنه ظاهرة أو حالة من القلق والشك والخوف من موقف معين فى المستقبل يترك الشخص فى حالة أسوأ مما هو عليها الآن، أما الخسائر المالية فيقصد بها تلك التى يمكن تحديدها وقياسها ماليا أى أن لها علاقة بالنتائج الناجمة عن تحقق خطر ما وليس بطبيعة الخطر نفسه.
فمثلاً الخسائر الناجمة عن أضرار الممتلكات أو السرقة أو توقف الأعمال بسبب تعرض مصنع الى الحريق يمكن تحديدها وقياسها، وينطبق ذلك أيضاً على الخسائر الناتجة عن الإصابات الشخصية التى يتم تحديدها عن طريق المحكمة أو بالاتفاق بين المؤمن والشخص المتضرر، ففى كل من هذه الحالات يمكن قياس النتائج التى تترتب عن تحقق الخطر مالياً.
إلا أن هناك أنواع أخرى من الأخطار يترتب عليها خسائر يصعب تحديدها وقياسها مالياً بسبب تأثرها بالنواحى النفسية والمعنوية يختلف تأثيرها من شخص آخر أو من ظرف لآخر. فمثلاً عندما يقرر الفرد شراء سيارة جديدة ويشعر فيما بعد بالضيق وعدم الارتياح من قيادتها قد يمثل ذلك خسارة لايمكن قياسها مالياً. ويمكننا أن نقول بأن القرارات الحاسمة ذات الأهمية فى حياة الانسان مثل البدء فى مشروع تجارى أو اختيار وظيفة أو الزواج وإنجاب الأطفال هم أمثله على الأخطار غير المادية، فقد يكون لها تأثيرات أو نتائج لايمكن قياسها مالياً بل تقاس على أسس واعتبارات إنسانية، لذلك فإن عمليات التأمين لا تشمل هذه الأخطار لأنه من الناحية العملية، يصعب على المؤمن تحديد وقياس قيمة الخسارة التى قد تترتب عن تحقق هذه الأخطار، وعليه فإن إهتمام عالم الأعمال ينصب بشكل رئيسى على الأخطار التى تترتب عنها خسائر يمكن قياسها مالياً.

2. الأخطار البحته وأخطار المضاربة PURE AND SPECULATIVE RISKS
التصنيف الثانى للأخطار له علاقة أيضاً بالنتائج التى قد تترتب عن تحقق خطر ما ويتم هذا التصنيف على اساس التمييز بين الأخطار التى يمكن أن ينشأ عنها ربح أو خسارة وتلك التى قد ينشأ عنها خسارة فقط.
الأخطار البحتة هى الأخطار التى تنشأ عنها خسارة وقد تكون نتائجها غير مرغوبة أو تتركنا فى نفس الحالة التى كنا عليها قبل تحققها. ومن الأمثلة على هذه الأخطار هى حوادث السيارات والحريق والسرقة والحوادث الشخصية. نجد أن هذه الحالات لايترتب على حدوثها أى ربح، فأما أن يكون هناك حادث أو حريق أو سرقة أو إصابة أو أن لايحدث شىء.
أما أخطار المضاربة فهى الأخطار التى قد تنشأ عنها خسارة أو ربح مثل الاستثمار فى الأسهم وعمليات المقامرة والرهان حيث أن هذه الأنشطة يمكن أن يتحقق من وراءها مكاسب أو خسائر مالية أو دون حدوث أى شىء من ذلك.
أن عالم الأعمال محاط بأنواع مختلفة من الأخطار البحته وأخطار المضاربة، فلو نظرنا الى أنواع الأخطار البحته وأخطار المضاربة التى قد يتعرض لها مصنع كبير لإنتاج المواد الغذائية للأستهلاك المحلى وللتصدير الخارجى لوجدنا الآتى:
§ هناك أنواع مختلفة من الأضرار المادية التى قد يتعرض لها المصنع والآلات والبضائع وذلك بسبب حريق ما أو عاصفة أو انفجار أو أضرار عمدية أو بسبب أخطار أخرى.
§ قد يتعرض المصنع ومحتوياته مثل المنتجات التامة الصنع والمواد الأولية وحتى الآلات الى خطر السرقة، ولايحتاج الفرد أن يعمل فى قطاع التأمين لفترة طويلة ليكتشف بأن إبداع وبراعة المجرمين ليس لها حدود.
§ التعويضات المالية التى قد يتوجب على صاحب المصنع دفعها نتيجة لمسئوليته القانونية تجاه عمال المصنع الذين قد يتعرضون للإصابات فى أوقات العمل أو تجاهع الزبائن خلال فترة تواجدهم فى المصنع نتيجة تناولهم لمنتجات المصنع.
§ الخسارة المالية (خسارة الدخل) التى قد يتعرض لها المصنع نتيجة توقف العمل فى المصنع بسبب تعرضه للحريق.
§ الخسارة المالية التى قد يتعرض لها المصنع بسبب فشله فى تسويق بضاعة جديدة.
إن أخطار المضاربة التى يخلقها الفرد بدخوله فيها طوعا أملا فى تحقيق مكاسب مالية كالخسارة المالية الناتجه عن الفشل فى تسويق بضاعة جديدة هى غير قابلة للتأمين حيث أن التأمين على هذه الأخطار لن يعطى الفرد الدافع للسعى الى تحقيق الربح وذلك لعلمه بأن المؤمن سوف يعوضه عن هذه المكاسب المالية التى لم تتحقق وهذا بدون شك من شأنه أن يزيد من مؤثر الخطر المعنوى(MORRAL HAZARD) .
إن السبب الرئيسى للتركيز على الفرق بين الأخطار البحته وأخطار المضاربة هو التأكيد على أن الأخطار البحته عادة ماتكون قابلة للتأمين أما أخطار المضاربة فهى غير قابلة للتأمين. فمثلاً يجب أن لانتوقع أن تقوم شركة ما بتغطية خسارة رأس المال فى استثمار معين لما يترتب عليه ذلك من إمكانية ربح أو خسارة ذلك الاستثمار، ولكن بالإمكان تغطية أصول الشركة المادية ضد أخطار الحريق والسرقة وغيرها من الأخطار.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق